مع تزايد توقعات العملاء، لم يَعد تقديم خدمات أو منتجات ذات جودة مقبولة أمرًا كافيًا، بل توجب على الشركات تقديم تجربة شاملة تتجاوز توقعات عملائها للاحتفاظ بهم. فإذا أردتَ أن تقدم التجربة الأمثل التي تضمن سلاسة انتقال العميل في كل خطوة وفي كل نقطة تفاعل، فعليك أن تبذل جهدك في تتبع خريطة رحلة العميل (Customer Journey Mapping) خطوة بخطوة، لتمهيد مساره للتجاوب مع الإجراء المطلوب وحمايته من التشتت الذي يدفعه إلى الانسحاب. في هذا المقال سأعرفك على كيفية بناء خريطة فعالة لرحلة عميلك.
جدول المحتويات:
- ما هي خريطة رحلة العميل؟
- مصطلحات مرتبطة بخريطة رحلة العميل
- مراحل رحلة العميل
- خطوات إعداد خريطة رحلة العميل
- نموذج لخريطة رحلة العميل على مستقل
ما هي خريطة رحلة العميل؟
خريطة رحلة العميل Customer Journey Mapping هي عبارة عن تمثيل بصري لرسم مسار الرحلة التي يمر بها العميل من خلال تتبُّع أي تفاعل أو إجراء يتخذه العميل قبل تجربة شراء المنتج أو الاشتراك في الخدمة وفي أثنائها وبعدها. ويهدف مخطط رحلة العميل في النهاية إلى بناء مؤسسات تتمحور حول العملاء وتعكس التجربة النموذجية لهم، وذلك من خلال النظر إلى الرحلة من وجهة نظر العملاء أنفسهم. بصورة أكثر عملية، سيفيدك تخطيط رحلة العميل في:
- تمييز النقاط التي قد يشعر فيها العميل بالتشتت، أو قد يتخذ قرارًا بالانسحاب قبل إكمال الإجراء المطلوب.
- اكتشاف النقاط التي تحتاج إلى توظيف ممثل متخصص لها، لتحسين أدائها.
- رفع الكفاءة التشغيلية والارتقاء بتجربة العميل، وتقليل هدر الموارد البشرية والمادية التي كانت تُستنزف في الإجراءات الروتينية التي تعرقل مسار العميل دون جدوى وتتسبب في تجربة سلبية للعملاء.
- تحليل تجربة العملاء؛ لفهم توقعاتهم في كل خطوة والعمل على الارتقاء إليها.
مصطلحات مرتبطة بخريطة رحلة العميل
ثمة مصطلحات شديدة الارتباط والتداخل مع مصطلح خريطة رحلة العميل، ستحتاج إلى أن تفهمها وتتحقق منها بالتأكيد قبل البدء في إنشاء الخريطة، لكن هناك بعض الفروقات الجوهرية بينها، نوضحها بإيجاز فيما يلي:
- قمع المبيعات (Sales Funnel): تركز خريطة رحلة العميل على دراسة تجربة العملاء من وجهة نظر العملاء أنفسهم، أي من الخارج إلى الداخل، وتستهدف رسم المسار الكامل الذي يتتبعه العميل لفهم احتياجاته وتفسير قراراته، فيما يركز قمع المبيعات (Sales Funnel) على التجربة التي تطرحها العلامة التجارية لعملائها، أي من الداخل إلى الخارج، ويستهدف قمع المبيعات تحويل العملاء المحتملين إلى عملاء فعليين. بصورة أكثر شمولية؛ فإن خريطة رحلة العميل تشرح كواليس سير العمل وتقدمه خلال مسار قمع المبيعات.
- شخصية العميل (Consumer Persona): تركز خريطة رحلة العميل على المهام والأسئلة والتجربة التي يمر بها العملاء، فيما تركز شخصية العميل على العملاء أنفسهم. ولأن مسار الخريطة يختلف باختلاف شرائح العملاء وشخصياتهم، فلا بد من دراسة شخصية عملاء كل شريحة قبل البدء في رسم المخطط الخاص بها. استفِد من دليل إنشاء شخصية العميل في تطوير شخصيات عملائك باحترافية، ومعرفة أفضل طرق جمع بياناتهم وتحليلها.
مراحل رحلة العميل
قبل أن تبدأ في بناء خريطة رحلة العميل، عليك فهم المراحل الأساسية التي يمر بها العملاء في تجربة شراء المنتج أو الاشتراك في الخدمة. انتبه إلى إمكانية اختلاف تلك المراحل باختلاف المنتج أو الخدمة، فيمكنك إذًا إعادة صياغتها بالأسلوب الأنسب لك، وهي:
1. مرحلة الوعي أو الإدراك
يبدأ العميل في مرحلة الوعي بإدراك نقاط الألم التي يشعر بها عندما تواجهه مشكلة ما يبحث لها عن حل، أو عندما يتطلع إلى تلبية أحد احتياجاته الأساسية أو الترفيهية أو غيرها. وقد يلجأ إلى إجراء عملية بحث لإدراك المشكلة ومسبباتها بصورة أفضل، أو للتوسع في معرفة المزيد عن الحاجة التي يبحث عنها.
ويمكن أن تتدخل العلامة التجارية بصورة غير مباشرة في مرحلة الإدراك التي يمر بها العميل، من خلال توفير محتوى مُسبق الإعداد عن المشكلات التي قد تواجهه؛ لزيادة معدل وعي العملاء بأبعاد تلك المشكلات ولمساعدتهم في معرفة احتياجاتهم وفهمها، وكذلك توفير المعلومات عن المجالات التي قد يبحثون عنها. ويتنوع المحتوى الذي يمكنك توفيره، مثل: المنشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي والفيديوهات والمقالات ونحو ذلك.
لكن من الضروري ألا تتعمد العلامة التجارية التسويق المباشر لنفسها كحل مثالي لتلك المشكلة، لأن هذا من شأنه أن يأتي بنتيجة عكسية في تلك المرحلة، فربما يكون العميل غير مستعد تمامًا لاتخاذ إجراء في هذه اللحظة، ويحاول فقط أن يدرك احتياجاته، ويبحث عن من يفهم نقاط ألمه.
2. مرحلة البحث والتفكير
بعد إدراك العميل لمشكلته واحتياجاته، يعاود البحث بصورة أكثر تعمقًا عن المنتجات أو الخدمات التي يحتاجها كحل لتلك المشكلة، ويبدأ في دراسة ومقارنة الخيارات التي توصّل إليها. في هذه المرحلة، قد يدرك العميل أن منتجك أو خدمتك أحد الحلول المطروحة لمشكلته، لكنه ما زال بحاجة إلى المزيد من التعمق حول المميزات والتكلفة والعروض ومدى توافر خدمات الدعم الفني وجودة خدمة العملاء للخيارات المختلفة.
ولا شك أن استعدادك مسبقًا بتوفير تلك المعلومات بطريقة واضحة أمامه، وظهورك بمظهر الواعي بنقاط الألم التي واجهته في المرحلة السابقة -كما أشرنا- سيزيد من ثقة العميل بك، ويحفز استعداده للتجاوب مع جهودك التسويقية التي يمكنك الآن أن تُظهِرها مباشرةً من خلال مختلف أنواع الإعلانات والحملات التسويقية ونحو ذلك.
وحتى لا تذهب جهودك هباءً، تأكد من تَحقُّق ظهور علامتك التجارية أمام جمهورك المستهدف عندما يبدأ بالبحث عنك عبر محركات البحث، من خلال موافقة محتوى موقعك الإلكتروني لشروط السيو وتضمنه لأكثر الكلمات المفتاحية استخدامًا في مجالك.
وكذلك إنشاء مدونة إلكترونية توفر مقالات ذات جودة توافق شروط السيو وتتصدر محركات البحث. ويمكنك أيضًا الوصول إلى قطاع كبير من العملاء المحتملين، من خلال التعاون مع المؤثرين وصناع المحتوى عبر يوتيوب أو شبكات التواصل الاجتماعي للإعلان الممول عن علامتك التجارية.
3. مرحلة القرار
العميل الآن مستعد تمامًا لاتخاذ إجراء بناءً على النتائج التي توصل إليها في المرحلة السابقة، وبناءً على عدة عوامل أخرى تؤثر في اتخاذ قرار اختيار علامتك التجارية من عدمه. تعرّف بالتفصيل كيفية بناء علامة تجارية مميزة قادرة على التأثير في قرارات جمهورك المستهدف.
4. التجربة والانطباع
يبدأ العميل بتجربة المنتج أو استخدام الخدمة، ويتشكل انطباعه عن العلامة التجارية. صحيح أن الانطباع يبدأ بالتشكّل منذ بداية تفاعله مع كل نقطة اتصال -سنوضح ذلك لاحقًا- لكنه يقوى ويتعزز في أثناء فترة التجربة أكثر من أي وقتٍ مضى، ويكون ذلك بناءً على مجموعة من المعايير أبرزها الجودة والمصداقية وتوافر خدمات الدعم.
5. الولاء
أمر بَدَهيّ أن يتحدد ولاء العميل لعلامتك التجارية من عدمه بانطباعه عن التجربة التي مارسها، لكن هذا ليس هو المقياس الوحيد الذي يتخذه العملاء، إذ إن خدمة ما بعد البيع تُعدّ عاملًا أساسيًا في تشكيل الانطباع النهائي للعميل، والتأثير في قرار الولاء وما يتعلق به من إعادة الشراء، أو تجديد الاشتراك والتسويق الشفهي للعلامة بين الأهل والأصدقاء أو عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي أغلب الأحيان يقع الدور الأبرز من وجهة نظر العميل في خدمة ما بعد البيع على فريق الدعم الفني وخدمة العملاء؛ الذين يمثلون نقطة الاتصال مع العلامة التجارية بعد الشراء، الأمر الذي يحدد مصير ولاء العملاء. ولتوضيح أهمية الأمر، إليك نموذج صادم لتجربة خدمة ما بعد البيع بساعة واحدة من الاستخدام كنموذج على رداءة الخدمة الفنية وخدمة العملاء بعد الشراء، إذ قطع العميل مسار رحلته كاملًا في شراء السخان الذي اعتقد أنه الأنسب له، وعندما أرسلت الشركة ممثل الخدمة الفنية لتركيبه، لم يهتم بجودة التركيب، فسقط السخان كما بالصورة، وانتهى الأمر بتقديم شكوى في حماية المستهلك، عبر العميل قائلًا: “شركة سيئة وخدمة عملاء سيئة، وفنيين لا يفهمون شيئًا”.
خطوات إعداد خريطة رحلة العميل
من الضروري أن تُسبَق عملية إعداد مخطط رحلة العميل بمرحلة من الدارسة والفهم العميق لجوانب تجربته ككل، حتى تتمكن من تطعيم المخطط بمعلومات دقيقة ذات صلة مباشرة بوجهة نظر العميل نفسه. اتبع الخطوات التالية كخطوات تسلسلية لا يمكن تجاوزها للوصول إلى نسختك النهائية من الخريطة:
1. حدد أهدافك
حدد هدفك الذي تود الوصول إليه من خلال خريطة رحلة العميل، ويتضمن ذلك أيضًا تحديد الشريحة المستهدفة من العملاء، مما يعني أن بإمكانك إنشاء أكثر من خريطة. ويرتبط استهداف شريحة معينة بدارسة أنماط شخصية العملاء Customers Persona -كما أشرنا سابقًا- فاحرص على ألا تتجاوز تلك النقطة قبل البِدء في بناء الخريطة. ويمكنك استخدام أدوات مثل Survey monkey لتقسيم شرائح العملاء المستهدفين.
ويُعدّ مخطط رحلة العميل بمثابة قصة يجب أن يكون خلف روايتها هدف ما، وعلى أساس هذا الهدف سترسم أنت وفريقك معالم القصة التي تختلف باختلاف الهدف المطلوب. مثال على الأهداف التي يمكنك استهدافها من المخطط:
- زيادة الوعي لدى فريق العمل بأهمية الأبحاث المعمقة في تقديم تجربة أفضل للعميل.
- اكتشاف نقاط الضعف التي تعيق رحلة العميل.
- رسم مخطط لنمط واحد من من شخصيات العملاء.
- اختصار رحلة العملاء السابقة وتسهيلها، والتي كانت تتضمن الكثير من الإجراءات الروتينية التي تصيب العملاء بالملل وتزعجهم، بسبب صعوبتها أو تعقيدها.
2. أَجرِ بحثًا
اجمع البيانات التي تتعلق بعملائك من خلال الدراسات التحليلية والاستبيانات واستطلاعات الرأي، لفهم دوافع العملاء وسلوكهم وردود أفعالهم وفهم التجربة التي يمرون بها. يمكنك استخدام أدوات مثل: تحليلات جوجل وGoogle Search Consule للحصول على الكثير من المعلومات والبيانات عن عملائك، فضلًا عن معرفة الجهة التي جاؤوا منها، وتحديد النقاط التي انسحبوا عندها. وتساعدك أدوات مثل Mention في مراقبة علامتك التجارية، والاستماع إلى ما يقوله عملاؤك عبر منصات التواصل الاجتماعي سواء سلبًا أو إيجابًا.
بعد ذلك، عليك دراسة النتائج التي توصلت إليها من البحث، في محاولة لتفسيرها وتصنيفها، فمثلًا لا يمكن اعتبار كل النقرات في موقعك الإلكتروني مهما كثرت مؤشرًا إيجابيًا لرحلة المستخدم، فقد يكون السبب الذي يدفع العميل لتكرار النقر هو شعوره بالتشتت والارتباك بسبب صعوبة تصميم الصفحة وعدم تمكنه من الوصول إلى المعلومات التي يحتاجها بسهولة.
من الضروري كذلك أن يتدخل فريق خدمة العملاء والدعم الفني في مرحلة البحث وجمع المعلومات، لأنهم أكثر فِرَق العمل احتكاكًا بالعملاء، وبالتأكيد لديهم الكثير من القصص اليومية معهم. لذا، من المفيد أن يكون عمل فريق الدعم تحت إشراف منك بصورة مستمرة لمتابعة الأداء وتسهيل المهام على الفريق، والتأكد من تقديم خدمة دعم مثالية ترقى لتوقعات العملاء، وتجيد الاستماع إلى صوت العميل وتتصدر واجهة نقاط الاتصال أمام عملائك، يمكنك التحكم في ذلك كله من خلال استخدام برنامج خدمة العملاء زيتون الذي يساعدك في:
- تحسين تجربة التواصل مع عملائك من خلال الدردشة المباشرة، التي تجعل التواصل بينك وبين عملائك فوريًا، ما يمكّنك من التعامل السريع مع أي مشكلة والرد على أي استفسار اُشكل عليهم.
- إنشاء قاعدة معرفة متكاملة وقابلة للتخصيص كقناة اتصال أساسية للدعم الذاتي لعملائك، سيحتاجها عملائك في رحلتهم للتعرف أكثر عن منتجك أو خدمتك.
- تمكين فريق العمل بأدوات متقدمة تسهل عليهم مساعدة العملاء وحل المشكلات.
- توفير إحصائيات وتقارير متقدمة تساعدك في مراقبة أداء خدمة العملاء، ومن ثم اتخاذ ما يلزم من القرارات.
- إنشاء مركز مساعدة متكامل.
3. حدد نقاط الاتصال
حدد النقاط التي أتاحتها علامتك التجارية للاتصال مع العملاء والتفاعل معهم في كل خطوة من تجربة الشراء أو قبلها أو بعدها، واحرص على تتبع تفاعلات العملاء ومراجعاتهم وانطباعاتهم عند كل نقطة اتصال سواء سلبًا أو إيجابًا. يساعدك ذلك في تقييم أداء كل نقطة، والاستماع إلى صوت العميل بصورة أفضل، واكتشاف نقاط اتصال جديدة أكثر اتساقًا مع احتياجات العملاء. وتتنوع نقاط الاتصال مثل:
- مختلف أنواع الإعلانات سواء الإلكترونية أو التقليدية.
- أي محتوى عن التسويق الرقمي لمنتجاتك أو خدماتك، مثل: الفيديوهات ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي والبودكاست والمدونات الإلكترونية.
- مراجعات المنتجات.
- خدمة العملاء والدعم الفني.
- الموقع الإلكتروني الخاص بنشاطك التجاري.
- رسائل البريد الإلكتروني.
- مركز المساعدة.
- مقالات قاعدة المعرفة.
من الضروري أن تتيح الفرصة أمام عميلك للمرور بنقاط اتصال متعددة في أثناء رحلته، وانتبه أن قلة خيارات الاتصال المطروحة أمامه يصيبه بالقلق ويوحي بالغموض. تذكّر أن كل نقطة اتصال تترك انطباعًا لدى العميل، وتساهم في تكوين رأيه عن علامتك التجارية، وبالتأكيد تكوين قرار الشراء من عدمه، فاحرص على أن توفر نقاط اتصال تقدم خدمة ترتقى لتوقعات العملاء.
4. اكتشف دوافع عملائك
بعد جمع البيانات والتفاعلات السابقة، ودراسة المراجعات الإيجابية أو السلبية للعملاء، يصبح من السهل الآن اكتشاف الدوافع التي حفزت عملائك لاتخاذ كل إجراء في كل خطوة، وهي مسألة ضرورية لتحديد مسببات الدوافع الإيجابية لتعزيزها أو الدوافع السلبية لمعالجتها.
فمثلًا، قد يكون الدافع السلبي وراء انسحاب العميل عند نقطة ما هو عدم تجاوب ممثلي خدمة الدعم الفني في تقديم المساعدة التي يرجوها، أو عدم اتساق تجربة الاستخدام مع جميع الشاشات، فيجد صعوبة لاستخدام واجهة الموقع من خلال الجوال. وكذلك الأمر بالنسبة للدافع الإيجابي، فقد يكون دافع العميل لاتخاذ إجراء عند نقطة ما هو توافر المعلومات التي قد يحتاجها بوضوح في مقالات قاعدة المعرفة.
5. أَنشِئ نسخة أولية من المخطط
بعد جمع النتائج التي حصلت عليها، تَشَارك مع فريقك في إعداد نسخة أولية لخريطة رحلة العميل. من المفيد الاجتماع مع فريقك في ورشة لإجراء عصف ذهني بهدف تجميع الأفكار التي يمكن استخدامها لتصميم أفضل نسخة بصرية من الخريطة، بعدها راجع النسخة الأولية جيدًا وأَجرِ ما يلزم من التعديلات والتطويرات عليها.
يجب أن تتضمن النسخة الأولية التي تعمل عليها المعلومات الأساسية التي ستُبنى عليها النسخة النهائية، قد تختلف نوعية تلك المعلومات باختلاف أهدافك وطبيعة خدماتك أو منتجاتك، لكن على الأرجح يجب أن تتضمن إجابات على الأسئلة التالية:
- ما المشكلة التي تواجه العميل؟ والحاجة التي يحاول الوصول إليها في كل خطوة؟
- ما الأسئلة التي تراوده؟
- ما نقاط الاتصال المتاحة أمامه؟
- ما مشاعره وانطباعاته في كل مرحلة؟
- ما النقاط التي أُصيب فيها العميل بالإحباط أو قرر الانسحاب؟
- هل تجاوب العميل مع الدعوة لاتخاذ إجراء المطلوبة؟ وما العوامل أو الدوافع التي أثرت في قراره؟
- ما التحسينات التي يمكن إجراؤها للارتقاء بتجربة العميل؟
إليك نموذج مبسط لخريطة رحلة العميل التي تستوفي المعايير التي ذكرناها. تذكر أنه يمكنك تعديلها أو تغيير تصميمها بالطريقة الأنسب لمتطلبات نشاطك التجاري:
مواصفات الخريطة الأفضل
مهما اختلف تصميم خريطة رحلة العميل، أو اختلفت المعلومات التي تتضمنها الخريطة، فثمة سمات أساسية يجب توافرها، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها، مثل:
- الوضوح: يجب أن تكون المعلومات الموجودة بالخريطة غير معقدة، واضحة التفاصيل لمن ينظر إليها من النظرة الأولى، لأن تعقيد المسار سيصعب الأمر على فريق العمل في المتابعة وعلى العملاء في التقدم خلاله.
- سهولة التصميم: يمكنك تصميم الخريطة بالطريقة الأنسب لك، فليس هناك قاعدة ثابتة، لكن احرص أن تختار تصميمًا سهلًا قليل التفاصيل.
- كفاية المعلومات: كل معلومة هي وحدة بناء الخريطة، فخذ وقتك الكافي لتجميع المعلومات ولا تتسرع في بناء الخريطة دون تجهيز ما يلزمك من البيانات والإحصاءات ونحو ذلك، لأن نقص المعلومات سيؤدى إلى إنتاج خريطة قليلة الجدوى وغير دقيقة.
- العمل الجماعي: خريطة رحلة العميل هي ليست عملًا فرديًا يمكنك إنجازه بمفردك بين عشية وضحاها، لكنها تتطلب تعاون أعضاء فريق العمل كافة لاستحضار المعلومات المطلوبة بدقة، وعلى رأسهم: فريق خدمة العملاء والدعم الفني والمسوّقون وفريق المبيعات ومصممو الجرافيك والمبرمجين (حسب طبيعة نشاطك التجاري) المهم هو مشاركة كل الأطراف التي تمس العميل أو الخدمة التي تقدم له بصورة أو بأخرى.
- التطوير والتحسين: لا ينتهي عملك بمجرد الوصول إلى النسخة النهائية من الخريطة، لأن العمل على تنقيحها وتحسينها وتطويرها يجب أن يستمر كل فترة، لمواكبة التغيرات التي تطرأ على شخصيات العملاء وسلوكهم ونحو ذلك.
نموذج لخريطة رحلة العميل على مستقل
في إحدى تجارب العملاء التي يرويها عملاء حقيقيون استخدموا منصة مستقل للعمل الحر كأداة لتوظيف مستقلين يساعدونهم على إنجاز مهام في مشاريعهم الخاصة، يروي العملاء قصتهم عن الرحلة التي قطعوها منذ تعرفهم على المنصة لأول مرة، وسنستخلص من قصصهم نموذجًا لصناعة خريطة رحلة العميل. نبدأ أولًا بدراسة المراحل التي مرت بها شريحة من هؤلاء العملاء قبل تطبيقها على الخريطة، لا تنسَ أن تلك الخريطة هي حصيلة قصة ترويها عن عملائك تمامًا كما يلي:
أولًا: الوعي أو الإدراك
1. يبدأ العميل (صاحب المشروع) مشروعه الخاص متعدد المهام، ويشعر بحاجته إلى مَن يساعده في إنجاز مهام محددة بسبب ضيق وقته، أو لعدم معرفته بالمهارات المطلوبة للمهمة التي يحتاجها.
2. يفكر العميل في توظيف متخصص في المجال المطلوب، ليحصل على عمل احترافي بميزانية معقولة ووقتٍ مناسب.
3. يدرك العميل بوجود شركات على أرض الواقع تقدم خدمات يحتاجها، لكنه يتردد بسبب ميزانياتها المبالغ فيها أو مستوى جودة العمل، ويدرك أيضًا إمكانية توظيف موظف ثابت لتولّي المهمة، لكنه يشعر أنه ليس بحاجة إلى موظف بدوامٍ كامل لإنجاز مهام محددة. على أي حال، الخيارات السابقة ستبقى في حُسبانه، لكنه الآن بحاجة إلى البحث عن حلول أفضل.
ثانيًا: البحث والتفكير
4. تَشَارك العميل النقاش مع صديق له حول مشروعه واحتياجاته، فرشّح له الصديق فكرة توظيف المستقلين من خلال منصة مستقل؛ لموافقتها لاحتياجاته، فاستحسن العميل الفكرة لكنه ما زال يشعر بحاجته إلى البحث بنفسه عن مستقل وعن غيره من المنصات المنافسة.
5. ومن جهة أخرى، ثمة عميل آخر لم يستشِر أي أصدقاء ولم يعرف بعد عن مستقل، لكنه بدأ مباشرةً بالبحث عن المهارات أو المجالات التي يحتاجها عبر محرك البحث جوجل، فظهرت أمامه مقالات لمدونة مستقل التي تصدرت نتائج البحث بسبب موافقتها لشروط السيو (SEO)، فأُعجب بالقيمة المعلوماتية للمقالات، ولاحظ أنها واعية بنقاط الألم التي تواجهه وأن خلفها متخصصون في كل مجالٍ مكتوب، فدخل إلى الموقع الإلكتروني واطّلعَ أكثر على المشاريع وطريقة التوظيف والميزات ونحو ذلك. أدرك العميل أن مستقل أحد الحلول لمشكلته واحتياجاته، لكنه قرر استكمال البحث لمقارنة الميزات مع المنصات المنافسة.
6. استكمَل العميل البحث والمقارنة، وشعر بالارتياح لمعرفة أن منصة مستقل منصة وسيطة بين المستقلين وأصحاب المشاريع. وتوجه لمراجعة التقييمات والتعليقات الموجودة بالملف الشخصي للعديد من المستقلين، فلاحظ نجاح تجربة العملاء عبر المنصة، وإشادتهم باحترافية المستقلين.
ثالثًا: القرار
7. قرر العميل الاشتراك في مستقل كصاحب مشاريع، فحمسته سهولة إجراءات الاشتراك على خوض تجربة إضافة مشروع على المنصة، لكنه كان بحاجة إلى مزيدٍ من التوضيح عن كيفية إدارة مشروعه، فقرر استكشاف الأمر بنفسه بدلًا من اللجوء إلى خدمة الدعم الفني، فوجد في مقالات قاعدة المعرفة شرحًا تفصيليًا مدعمًا بالصور لكيفية إدارة مشروعه بنجاح.
رابعًا: التجربة والانطباع
8. أضاف العميل مشروعه، ووظّف المستقل المناسب الذي يحتاجه، وتسلّم عملًا ذا جودة كما كان يطمح، واستخدم حقه في تقييم المستقل والتعليق على مستوى عمله.
9. كانت التجربة مُرضية بالنسبة للعميل، فقرر إضافة مشروع آخر لاستكمال عمله، ووظّف المستقل الذي اعتقد أنه قادر على تنفيذ المطلوب. وعندما حان وقت التسليم، تفاجأ العميل أن العمل الذي أنجزه المستقل مخالف تمامًا للاتفاق الذي اتفقا عليه في أثناء مدة تنفيذ المشروع، فضلًا عن أن المستقل لم يتجاوب معه في تنفيذ التعديلات التي اتفقا عليها، شعر العميل بالغضب وخشى أن تضيع أمواله عليه، فقرر التواصل مباشرةً مع ممثلي خدمة الدعم الفني لتقديم شكواه. تدخّل فريق الدعم، وتأكد من صحة شكوى العميل، فألغى المشروع فورًا، وردّ الأموال إليه.
خامسًا: الولاء
10. ازدادت ثقة العميل في مستقل، بسبب مصداقيته في أداء دور الوساطة وضمان الحقوق، فازداد ولاؤه للمنصة واستخدم الأموال التي رُدَّت إليه مباشرةً في توظيف مستقل آخر. ولكثرة استخدامه المنصة، فقد كان يتطلع لوجود تطبيق إلكتروني لها كقناة اتصال جديدة، لتسهيل استخدامه بصورة يومية.
القصة السابقة مملوءة بالكثير من المعلومات المفيدة في بناء خريطة رحلة العميل لشريحة كبيرة من عملاء مستقل، بالإضافة إلى المعلومات الأخرى التي يجب الرجوع إليها، التي تتمثل في البيانات والإحصاءات المستخلصة من عملية البحث المكثف، ونتائج دراسة شخصية العملاء وغيرها. لنرسم من خلالها مخططًا افتراضيًا لرحلة العميل التالية، فاستفِد منه في صناعة مخططك الخاص كما يلي:
ختامًا، فإن كل خطوة في خريطة رحلة العميل هي دعامة أساسية نحو تحقيق أهدافك التسويقية اعتمادًا على إعادة هيكلة نشاطك التجاري من وجهة نظر عملائك، لأن هذا هو الطريق الأقصر لتحقيق رضا العميل وتلبية احتياجاته. فابدأ في إعداد مخططك الخاص الآن.
تم النشر في: أكتوبر 2022
تحت تصنيف: إدارة تجربة العملاء | رحلة العميل